كان بمكة رجل يجمع بين الرجال والنساء، ويحمل لهم الشراب .
فشُكِيَ إلى عامل مكة، فنفاه إلى عرفات، فبنى بها منزلاً،
وأرسل إلى إخوانه فقال:
"ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه؟ "
قالوا: " وأين بك وأنت في عرفات؟"
فقال:
" حمار بدرهم، وقد صِرتم على الأمن والنـُّزهة "
ففعلوا، فكانوا يركبون إليه حتى فسدت أحداث مكة[1].
فعادوا بشكايته إلى والي مكة، فأُرسل إليه وأُتيَ به. فقال الرجل:
" يكذبون عليّ، أصلح اللّه الأمير."
فقالوا:
"دليلنا على ما نقول أن تأمر بحمير مكة فتُجمع وتُرسَل
بها أمناءُ إلى عرفات، ثم يرسلونها[2]،
فإن لم تقصد لمنزله من بين المنازل كعادتها إذا ركبها السفهاء فنحن غير مبطلين."
فقال الوالي:
" إن في هذا لدليلاً وشاهدًا عدلاً"
فأمر بحمير من حمير الكِراء[3]
فجُمعت ثم أُرسلت، فصارت إلى منزله كما هي من غير دليل. فأعلمه بذلك أمناؤه، فقال:
"ما بعد هذا شيء. جـَرِّدوه!"
فلما نظر الرجل إلى السـّياط قال:
"لا بدّ أصلحك اللّه من ضربي؟"
قال: " نعم."
قال:
"واللّه ما في ذلك شيء هو أشدّ عليَّ من أن يشمت بنا
أهلُ العراق ويضحكوا منا ويقولوا: أهل مكة يجيزون شهادة الحمير!"
فضحك الوالي
وخلّى سبيله.
من كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه.
من كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه.

![]() |
اصغط للانتقال الى اعلى |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.