فاجتهد في بيعه فلم يجد له مشترياً
. فجاء إلى عَطَّار موصوف بالخير ، فأودعه إيّاه .
ثم حج وعاد ، وأتاه بهدية .
فقال له العطار :
" من أنت ؟ وما هذا ؟ "
" من أنت ؟ وما هذا ؟ "
فقال :
" أنا صاحب العقد الذي أودعتك "
فما كلّمهُ حتى رفسه العطار رفسة رماه عن دكانه .
فما كلّمهُ حتى رفسه العطار رفسة رماه عن دكانه .
وقال :
"أتدعي علي مثل هذه الدعوى !"
فاجتمع الناس وقالوا للحاج :
" ويلك ! هذا رجل خير . ما وجدت من تدعي عليه إلا هذا ؟! "
فتحير الرجل ، وتردّد إليه ، فما زاده إلا شتماً وضرباً .
فقيل للحاج :
" لو ذهبت إلى عضُد الدولة[1] ، فله في هذه الأشياء فراسة "
فكتب
الحاج قصته ، ورفعها إلى عضد الدولة .
فصاح
به فجاء .
فسأله
عن حاله ، فأخبره بالقصة .
فقال
عضد الدولة :
" اذهب إلى العطار بكرة ، واقعد على الدّكّة أمام دكانه . فإن منعك فاقعد على دكةٍ تقابله من الصّبح إلى المغرب ، ولا تكلمه . وافعل هكذا ثلاثة أيام ، فإني أمرّ عليك في اليوم الرابع ، وأقف ، وأسلّم عليك ، فلا تَقُم لي ، ولا تزِدني على رد السلام وجواب ما أسألك عنه "
" اذهب إلى العطار بكرة ، واقعد على الدّكّة أمام دكانه . فإن منعك فاقعد على دكةٍ تقابله من الصّبح إلى المغرب ، ولا تكلمه . وافعل هكذا ثلاثة أيام ، فإني أمرّ عليك في اليوم الرابع ، وأقف ، وأسلّم عليك ، فلا تَقُم لي ، ولا تزِدني على رد السلام وجواب ما أسألك عنه "
فجاء الحاج إلى دكان العطار ليجلس فمنعه ، فجلس بمقابلته ثلاثة أيام . فلما كان في اليوم الرابع ، اجتاز عضد الدولة في موكبه العظيم .
فلما رأى عضد الدولة الحاج وقف وقال :
" سلام عليكم !"
" سلام عليكم !"
فقال الحاج دون أن يتحرك :
" وعليكم السلام "
قال عضد الدولة :
"يا أخي ، تقْدُم إلى بغداد ، فلا تأتي إلينا ، ولا تعرض حوائجك علينا ؟! "
قال الحاج :
" كما اتَّفَق[2] !"
ولم يشبعه الكلام[3] ,وعضد الدولة يسأله ويهتّم ، وقد وقف ووقف العسكر كله والعطار قد أغمي عليه من الخوف
. فلما انصرف الموكب التفت العطار إلى الحاج فقال :
" ويحك ! متى أودعتني هذا العقد ؟
وفي أي شيء كان ملفوفاً ؟
فَذَكِّرني لعلي أذكره !"
" ويحك ! متى أودعتني هذا العقد ؟
وفي أي شيء كان ملفوفاً ؟
فَذَكِّرني لعلي أذكره !"
فقال :
" مِن صفته كذا وكذا ."
فقام العطار وفَّتش ، ثم نَقَض جَرَّة عنده فوقع العقد .
فقال
:
"قد كنتُ نسيت , ولو لم تذكِّرني في الحال ما ذكرت !"
من كتاب أخبار الأذكياء لابن الجوزي
[1] عضد الدولة : سلطان بويهي ضم العراق
وفارس في دولة موحدة انحلت بعد وفاته بسبب الخلاف بين أبنائه (سنة 983 م).
[2] كما اتفق : هكذا كان

![]() |
اصغط للانتقال الى اعلى |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.