8- من آداب مخاطبة الملوك

دخل الأصمعيّ[1] يوماً على هارون الرشيد بعد غيبةٍ كانت منه.

فقال له الرشيد:
"يا أصمعي، كيف كنتَ بعدي؟"


فقال:
"ما لاقَتْنِي بعدَك أرْضٌ."


فتبسمَ الرشيد.. فلما خرج الناس، قال للأصمعي:
" ما معنى قولك: "ما لاقَتْني أرضٌ"؟ "

قال:
"ما استقّرت بي أرض، كما يُقال: "فلان لا يليق شيئاً"، أي لا يستقّر معه شيء."

فقال الرشيد:
"هذا حسن.. ولكن لا ينبغي أن تُكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خَلَوتَ فعلِّمْني، فإنه يقبح بالسلطان أن لا يكون عالماًأما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أُجِب، وإما أن أُجيب بغير الجواب؛ فيعلم مَن حولي أني لم أفهم ما قلتَ. "

قال الأصمعي:
" فعلَّمَني الرشيدُ يومها أكثرَ مما عَلَّمْتُــه."


كتاب "أخبار النحويين البصريين"أبو سعيد السيرافي



[1] الأصمعي : (740-828) من مشاهير علماء اللغة.

اصغط للانتقال الى اعلى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.